الأخطاء البرمجية لن تنتظر الهجوم… جوجل قررت إصلاحها قبل أن تُستغل.
أطلقت شركة ديب مايند DeepMind، التابعة لجوجل، عن أداة ذكاء اصطناعي جديدة تحمل اسم CodeMender، تُعد نقلة نوعية في مجال تأمين البرمجيات مفتوحة المصدر. الأداة مصممة للعمل كـ”وكيل ذكي” قادر على اكتشاف الثغرات الأمنية وإصلاحها تلقائيًا، ما يُعزز من قدرة المطورين على حماية مشاريعهم من الهجمات الإلكترونية قبل وقوعها.
تعتمد CodeMender على نموذج الذكاء الاصطناعي المتقدم Gemini Deep Think، حيث تستخدم مزيجًا من تقنيات الفهم البرمجي والتحليل السياقي لرصد الأخطاء الجذرية وتصحيحها، وتوليد ترقيعات أمنية قابلة للمراجعة البشرية. ووفقًا للشركة، نجحت الأداة في تقديم أكثر من 70 إصلاحًا خلال الأشهر الستة الماضية، شملت مشروعات تتضمن ملايين الأسطر من الشيفرات.
ولا تتوقف قدرات CodeMender عند إصلاح الثغرات المكتشفة، بل تمتد لإعادة هيكلة الشيفرة لمنع تكرار الأنماط الضعيفة مستقبلاً. كما تُجري الأداة اختبارات ذاتية للتحقق من فعالية التصحيحات، ما يُقلل من العبء الذي يتحمله مطورو الأمن في مراجعة الكود يدويًا.
جوجل أكدت أن هدفها ليس استبدال المهندسين، بل تزويدهم بأدوات ذكية تساعدهم على مواكبة الزيادة المستمرة في حجم التهديدات الرقمية، خاصة مع استخدام جهات خبيثة للذكاء الاصطناعي نفسه في تطوير الهجمات.
في أحد أبرز الأمثلة العملية، قامت الأداة بإضافة تعليمات أمنية تلقائية إلى مكتبة libwebp لضغط الصور، والتي تُستخدم على نطاق واسع. هذه التعليمات كان من شأنها – لو طُبقت مبكرًا – أن تمنع هجمات استغلت ثغرات في إدارة الذاكرة.
من جانبها، تخطط ديب مايند لتوسيع نطاق اختبار الأداة بالتعاون مع مطوري البرمجيات مفتوحة المصدر، قبل طرحها على نطاق أوسع لاحقًا، وذلك بالتزامن مع تحديث إطار Secure AI Framework، وبرنامج مكافآت لرصد الثغرات في أنظمة الذكاء الاصطناعي.
تُعد CodeMender أكثر من مجرد أداة تقنية؛ إنها تمثل تحولًا في طريقة تفكير Google في أمان البرمجيات. فمن خلال أتمتة اكتشاف الثغرات وتصحيحها، تُسهم الأداة في تقليص الفجوة بين وتيرة تطوير البرمجيات وسرعة معالجة الثغرات، وهي معضلة تواجهها الفرق الهندسية باستمرار. كما أن توفير هذه القدرات لمجتمع المصادر المفتوحة يبرز التزام جوجل بتعزيز الأمان الرقمي كأولوية جماعية، وليس حكرًا على الأنظمة الخاصة.
ومع تطور تهديدات الأمن السيبراني، يبدو أن دمج الذكاء الاصطناعي في دورة التطوير لم يعد خيارًا إضافيًا، بل ضرورة لمواكبة الواقع الجديد.